"مستشفى الدكتور حامد فرحات" إنها المستشفى التي يرتبط اسمها باسم مؤسسها الدكتور حامد فرحات ، تمضي السنون ، يتوقف النزف ، يلتئم الجرح ، ولكن تبقى الذكرى في صباح يوم من أيام شهرٍ ، في سنة 1996 ، وحين كانت الشمس تشقّ فجر الصباح وتنشر الدفء على بلدة جب جنين ، كانت روح الدكتور حامد فرحات تنتقل من الجسد الفاني إلى حياة أخرى أبدية خالدة ، فودع أهله واستأذنهم بالرحيل ، بعد أكترمن اربعة وعشرون سنة مليئة بالعطاء اللامحدود ، رحل الدكتور حامد فرحات ، بعد ما تعب من رحلة العمر ، فقرّر قلبه التوقف عن الخفقان والانكفاء إلى اللانهاية في مشفى في مدينة باريس حيث كان يتعالج ، تاركا" وراءه فراغا" قد لا يسده أحد من بعده ، في مستشفىً رسم لها حياته فكانت جزءا" من كيانه.
أبصر حامد فرحات النور ، في بلدة جب جنين العام 1943 ، في منزل أهله الريفي ، المتواضع المليء بالطيبة والسكون ، تلقى علومه الأولى في مدرسة الضيعة ويصفه أهله ورفاق الصبا ، أنه كان فتى" حشورا". تم اتم دراسته التانوية في بيروت فكان متفوقا.
وفي العام 1962 سافر إلى القاهرة لمتابعة تحصيله العلمي ، فدخل كلية الطب في جامعة القاهرة وتخرج منها طبيبا" ، ثم توجه إلى لندن ودخل جامعة " داربي " لتكملة الدراسة ، لكنه قرّر العودة إلى القاهرة ، وبعد ثلا ث سنوات من العمل المستمر والكبّ على الدرس ، نال شهادة اختصاص في الأمراض النسائية والتوليد ، عام 1973. ليعود بعد ذلك الى الوطن لتبدء بعدها قصة كفاح.
الحلم الحقيقي:
بعد عودته الى الوطن قام الدكتور فرحات بفتح عيادة لعلاج اهل منطقته التي كانت تعاني الكتير لصعوبة المواصلات وقلة الاطباء بالاضافة الى تسلمه قسم الناء والتوليد في مستشفى بعلبك الحكومي,تم تسلم مركز رعاية الام والطفل في مدينة زحلة قبل انتقاله الى مستشفى خربة قنفار الحكومي. لم يكن غريبا" أن تنتصر إرادة الإنسان ، الذي تحدّى المعاناة ،عاش عذاب الإنسان ، تذوق طعم الحياة في حلوها ومرها، واستنتج أنها تستحق أن تعاش بأمل وفرح وحلم العام 1978، اتخذ قراره الحاسم ببناء مؤسسة إنسانية أو إن شئت الدقة ،مستشفى فرحات ، المستشفى الأول والوحيد في البقاع الغربي ، فكان قراراً خطيرا"، يتطلب الكثير من العمل والتمويل ، جريا" نابعا" ، ومن قوة إيمانه باللة وبرسالته الإنسانية وشعوره بمعاناة أهله وأبناء منطقته حيث كانت تفتقر إلى مؤسسة تعنى بصحتهم ، وتؤمّن لهم مستوى رفيعا" من الخدمة الطيبة . وبتاريخ 1981-11-06 تمّ الانتهاء من أعمال البناء والتجهيز ، وافتتحت المستشفى رسميا" ، وحضيت بالمزيد من الحفاوة والتكريم ، حيث شارك بحفل الافتتاح وزير الصحة الاسبق الدكتور نزيه البزري ، وتوفّر لها من الدعم والاهتمام ما كفل لها أن تقدّم الخدمات الطبية ، حتى كانت في فترة من الفترات دور جمعية خيرية التي ساهمة وفي احلك الاوقات والظروف ومع كل ما مرت به المنطقة من احزان وحروب في يد مد العون لكل محتاج من منطقة حاصبيا وراشيا وصولا الى منطقة البقاع الاوسط.
بلغ عدد العاملين فيها يومها خمسة وسبعون بين ممرض وتقني و طبيب ، فكان العمل شاقا" متواصلاً لا يهدأ ، وكان الدكتور فرحات ومن معه في تلك الفترة تشدهم العزيمة القوية والإرادة الصلبة ، وهو الطبيب الحكيم البعيد النظرة الطموح ، الرامي إلى العلا ، المتعدد النشاطات ، التوّاق إلى الأفضل والأحسن . فكلما انتهى من إنجاز ، كان يعبر إلى الآخر ، أما المشاكل الكثيرة التي واجهته فما زادته إلاّ إصراراً على التحدي . فمن مشفى صغير متواضع يقوم بمعالجة الحالات الطارئة والعمليات البسيطة بالاظافة الى قسمي اشعة ومختبر متواضعين الى ان اصبح احد اهم المستشفيات في البقاع ,فكان اول مستشفى في البقاع يحوي قسم غسيل الكلى كما كان اول مستشفى يحوي قسم الرنين المغناطيسي بالاظافة الى كونه من اوائل المستشفيات التي حوت جهاز التصوير الطبقي المحوري CT Scan . وكان الطموح ببناء مستشفى جامعي ضخم يليق بالمنطقة وبالبقاع ككل ليخدم ابناء المنطقة ولتصبح مقصد لجميع البقاعيين, ولكن القدر لم يمهله وحرم منطقته واهلها من احلام وطموحات ابن جب جنين.
واليوم وبفضل المرحوم الدكتور حامد فرحات وكل العاملين في المستشفى من كوادر ادارية ,طبية وتمريضية وكل المحبين اصبحت مستشفى الدكتور حامد فرحات نجمة مضيئة في سماء البقاع ومقصد للمرضى في كل البقاع مع كل ما تقدمه من معدات متطورة وحديثة بالاضافة الى الكوادر المؤهلة والخبرات لتقديم العون لكل المحتاجين.
