جب جنّين أون لاين

شعار "بيّ الكل" هل سقط بين الأزمات اللبنانية؟


"بيّ الكل" شعار أُطلق على عهد الرئيس العماد ميشال عون الذي صار عمره أربعة أشهر. أكثر من 150 يوماً مرّت، عادت في خلالها الحياة الى قصر الرئاسة والى شرايين الجمهورية، لكن لم تستقم معها بعد دولة القانون التي وعد ببنائها الرئيس.
الدولة التي تآكلها الفساد منذ 30 عاماً لا يمكن تطهيرها في أشهر، حتى العصا السحرية تعجز عن ذلك. البعض يرى أن شعار "بيّ الكل" سقط، وان الرئيس عون في بعبدا هو نفسه رئيس "التيار الوطني الحر" الذي كان موجوداً في الرابية، اي إنه طرف وليس حكماً. والبعض الآخر يرى انه من السابق لأوانه الحكم على ذلك في ظل الوضع السياسي الموجود والتناتش الحاصل على الحصص. يجب ألا يُحمل سيّد "العهد" أوزار العهود السابقة، ويجب التمييز بين مبادرات الرئيس ومواقفه، والقرارات التي يجب ان تأخذها السلطة التنفيذية مجتمعة ولا يمكن محاسبته على أداء حكومة قال في بداية عهده إنها ليست حكومته، وأن حكومته ستتشكل بعد الانتخابات المقبلة. لكن بانتظار إجراء الانتخابات النيابية وتأليف حكومة العهد، أسئلة كثيرة يطرحها حتى المؤيدون للعهد في صالوناتهم الصغيرة منها: أين الاصلاحات التي وعدنا بها؟ أين عملية محاربة الفساد أين حقوق الفقير وتحسين معيشته؟ أسئلة لم يجد المواطنون بعد عليها أجوبة من "سيد العهد"، على أمل ان الصرخة التي اطلقت اخيراً ضد الضرائب وتأييداً للسلسلة قد وصل صداها الى أروقة قصر بعبدا.
"بيّ الكل"... سقط!
في جردة حساب عن هذه المدة القصيرة من العهد، يرى النائب السابق فارس سعيد أن الرئيس عون فشل حتى اللحظة في أن يكون "بيّ الكل"، وأن ما يقوم به هو استمرار لسياساته السابقة التي تصب في مصلحة "حزب الله". وقال لـ"النهار"، إن "العماد عون الذي كان في الرابية هو نفسه الموجود حالياً في بعبدا. لم يتبدل شيء في سلوكه عن سلوك زعيم التيار الوطني الحر، ولم ينجح بأن يكون رئيساً لكل اللبنانيين وليس لفئة منهم". وأوضح سعيد أن "الرئيس لا يزال يدافع عن سلاح "حزب الله" كما كان يفعل في السابق، ويدافع عن قتال "الحزب" في سوريا بعد انتخابه رئيساً، فهو لم يفك ارتباطه المطلق مع "حزب الله". فالتعامل مع سلاح "الحزب" على انه أمر واقع مفروض على جميع اللبنانيين شيء، وأن يجاهر الرئيس ويتبنى شعار "الحزب" ويضرب بعرض الحائط القرارت الدولية وفي طليعتها القراران 1559 و1701 شيء آخر". واعتبر سعيد أن "الرئيس عون لا يحكم بتوازن كامل بين اللبنانيين كما اقسم باليمين الدستورية".
السلاح... مرض لا يعالج بالمسكنات
قراءة سعيد قد تجد صداها عند فريق من اللبنانيين، إلا أن ثمّة رأياً آخر يقول بعدم تحميل الرئيس مسؤولية قرارات أسلافه وتحديداً في موضوع سلاح "حزب الله"، وعدم التسرع في الحكم على العهد. وقالت استاذة العلوم السياسية الدكتورة فاديا كيوان لـ"النهار" إنه "يجب التمييز بين المبادرات التي يقوم بها الرئيس وبين القرارات التي تحتاج الى موافقة الحكومة والسلطة السياسية ككل، ويجب عدم تحميل الرئيس مسؤولية ما لم تنتجه الحكومة بعد". أضافت: "الحديث عن السلاح، هو التطرق الى نقطة خلافية، وموقف الرئيس منه ليس جديداً، خصوصاً انه وقّع تفاهماً مع "حزب الله" أعطى خلاله تطمينات للحزب كي يتلبنن، وما قاله الرئيس أخيراً هو دعوة الجميع الى تسليح الجيش وتدريبه كي يصبح قادراً على الدفاع عن لبنان، فهل المطلوب منا أن نكون من ضمن حملة شعبية ودولية للضغط على "حزب الله" وتطمين إسرائيل"؟ تابعت: "معظم اللبنانيين غير موافقين على الدور الذي يضطلع به الحزب في سوريا، والحل اليوم ليس الضغط عليه لتسليم سلاحه، انما يجب البحث عن سبب (المرض) أي السلاح ومعالجته وعدم الاكتفاء باعطاء المسكنات والتبريرات، والبحث عن حل شافٍ للسلاح المنتشر في لبنان، يبدأ بتعزيز قدرات الجيش والاجهزة الامنية لتصبحا قادرين على القيام بالمهمات كافة، وعندها فقط نرفع الصوت لتسليم سلاح "الحزب". وأشارت الى انه "يجب ألا ننسى انه عندما احتل لبنان لم يكن هناك قرار سياسي للمقاومة، فحمل الشعب السلاح ودافع عن ارضه من خلال مقاومة شعبية، ولا نستطيع اليوم بكبسة زر أن نقول لهم سلموا سلاحكم، ولا ننسى عندما كانت الدولة تطالب بتسليح الجيش أنه كان هناك رفض من الدول الغربية التي كانت تسمح فقط بالتجهيزات البسيطة واللوجتسية، والتي لا تساعده في مواجهة أي اعتداء خارجي، وبعد تحرير تسليح الجيش سيرفض جميع اللبنانيين اي سلاح غير شرعي".

واعتبرت كيوان ان "الرئيس عون وفريقه السياسي قاموا في الفترة الاخيرة بتقارب مع أحد أخصام "حزب الله" في لبنان، وهذا الشيء قد يكون اقلق "الحزب"، والرئيس عليه أن يكون على مسافة واحدة من الجميع ومنفتح عليهم، وربما قد يكون موقفه تطميناً للحزب لعدم طعنه في ظهره، وعندما سيبحث موضوع السلاح فسيناقش على الطاولة وليس من خلال المؤامرات والغدر".
هيمنة "الحزب" على القانون... والتمثيل الحقيقي
وعن مساعي الرئيس عون لإقرار قانون جديد للانتخاب يكون عادلاً ويؤمن تمثيلا أفضل لكل مكونات المجتمع اللبناني خصوصاً الاقليات، يجد سعيد أن عون ليس محايداً في هذا الشأن انما منخرط في شكل كامل الى جانب "حزب الله" ويؤيد طرحه الانتخابي "النسبية الكاملة". وقال: "الرئيس عون ذهب أبعد من ذلك، هو مع لبنان دائرة واحدة وفق النسبية، وتالياً يتبنى موقف "حزب الله" بالكامل". واعتبر ان "قانون الانتخاب مهم وضروري لكن ما قيمته في حال تمت مبادلة المقاعد النيابية، وبقيت السلطة الفعلية للسلاح غير الشرعين فنكون بذلك ضربنا أهم بند في استقامة الدولة وهو حصرية السلاح بيد الدولة فقط".
في المقابل، ترى الدكتورة كيوان أن الرئيس عون سجل في عهده حتى اللحظة 3 ايجابيات، الأولى، وضع سقف زمني لإقرار قانون جديد للانتخابات، والثانية موقفه من موضوع اللاجئين الذي اعتبر ضمانة كبيرة، والثالثة ترجمته ميثاقياً دوراً كبيراً لرئيس الجمهورية لم تسمح الظروف السابقة بأن يضطلع به. واعتبرت أن "الإيجابية الاولى وجدت ارتياحاً كبيراً عند المجتمع الاهلي الذي يحلم بتغيير المسؤولين، ولكن هذا الموضوع لم يتحقق بسبب عدم اتفاق القوى السياسية بعد على القانون، والرئيس عون يريد قانوناً عادلاً تتمثل فيه كل الناس وتحديداً الأقليات السياسية وأيضاً المذهبية، فالرئيس انفصل فعلياً عن الحزب وكل ما يتم تداوله بإسم مصادر مقربة منه وغيرها لا تعبر عنه، وتمسّك الرئيس بعدم اجراء الانتخابات وفق قانون الستين كلام منفتح ومتقدم وايجابي". ورجحت كيوان أن "يقوم الرئيس بمبادرات بين القوى السياسية خلال المهلة المتبقية من دعوة الهيئة الناخبة لتسهيل إقرار القانون الانتخابي الجديد".
مصلحة عربية... رئيس مسيحي قوي
لا يعوّل سعيد كثيراً على نجاح الرئيس عون في إزالة التشنج الذي شهدته العلاقات بين لبنان ودول الخليج بسبب مواقف "حزب الله" المعادية للسعودية وتدخله العسكري في سوريا. واعتبر أن تسهيل السعودية عملية انتخاب الرئيس المسيحي في لبنان فيه مصلحة عربية، موضحاً أن "موقع الرئيس المسيحي في لبنان محط اهتمام كل الدول في هذه المنطقة، وكان من الصعب ان تعترض السعودية على انتخاب رئيس مسيحي فقط لأن ايران جاءت به، والاهتمام العربي لم يكن بمن أوصله الى الرئاسة بل بموقع الرئاسة الذي يقدره جميع العرب، وبالطبع هناك مصلحة عربية بتسهيل وصول رئيس جمهورية مسيحي في لبنان".
من جهتها، تعتبر الدكتورة كيوان أن "الرئيس على الصعيد المسيحي يحاول أن يترجم في شكل ميثاقي دوراً كبيراً لرئيس الجمهورية لم تسمح الظروف الداخلية والخارجية السابقة بأن يمارسه، وعلى سبيل المثال، قال انه لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وهناك صلاحيات غير موجودة في النصوص يمارسها الرئيس الآن من دون تخطي الآخرين، وهذا حق تعطيه إياه طبيعة النظام اللبناني".
الموازنة بين الإبراء المستحيل... والانتاجية الضعيفة
الجدال الذي تشهده الحكومة بشأن اقرار الموازنة لا يبشر بأن العهد قادر على اقرارها من دون فرض ضرائب جديدة على اللبنانيين. ويرى سعيد أن "اهم معيارين يجب ان نراهما في الموزانة هما قطع الحساب والسلسلة في داخلها، والرئيس عون الذي وضع "الابراء المستحيل" يتعامل مع الموازنة كأنه جاء بالأمس من فرنسا، وأنه لم يكن شريكاً في السلطة التشريعية والتنفيذية منذ عام 2005، فلم نشعر حتى اللحظة اننا انتقلنا من مرحلة الى أخرى جديدة".
لا تغفل كيوان عن منطق المحاسبة الذي طالب به سعيد، الا انها اعتبرت ان الخطوة الاولى يجب ان تكون لضبط الإهدار. وأوضحت أن "الرئيس يضع حالياً ضغطاً كبيراً على الحكومة والوزراء كي يضعوا الموازنة، وان تستوعب في شكل جريء المطالب الاجتماعية المتفاقمة منذ سنوات وتكون رشيقة ومناهضة للإهدار. وموضوع محاسبة الفساد لا تتضمنه الموازنة، لكن ثمة حالات إهدار أتوقع واتمنى أن ينجح الرئيس والحكومة بضبطها تماشياً مع الشعار الذي رفعه في بداية عهده وهو "محاربة الفساد".

مناطق آمنة... وضمانة الرئيس
وعن موقف الرئيس عون من قرار إقامة مناطق آمنة في سوريا لللاجئين والذي طرحته أيضاً الادارة الأميركية الجديدة، قال سعيد إن "القادر على اقامة مناطق آمنة في سوريا ليس ميشال عون انما الادارة الأميركية ونفوذها الدولي وفرضه على الروس والأتراك والايرانيين، ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون القوى الدولية الفاعلة".
في المقابل، ترى كيوان أن "موقف الرئيس عون من موضوع اللاجئين ضمانة، والحكومة عليها ان تتابع الموضوع تنفيذياً. والرئيس في كل جولاته الخارجية يشير الى هذا الموضوع ويدعو الى وضع صيغة حل له بمساعدة المجتمع الدولي".

المصدر:النهار



نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.
إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّائها!

BEIRUT WEATHER

  الأكثر قراءة




  الوفيات


القاضي الشاعر محمد شمس الدين

علمٌ قضائيٌ بارز ، وشاعِرٌ مُرهف وصحافي سابق مؤسس صوت البقاع، ذلك هو باختصار القاضي الراحل والأديب محمد شمس الدين. والذين عرفوه أحبوا فيه تلك الصّفات المميزة التي تشدّك اليه مثل التواضع الجمّ، والضمير الحي والوطنية الثاقبة، حيث كانت له في كل مناسبة وقفة وفي كل حدثٍ إيحاءً ي...







 
جب جنّين أون لاين