جب جنّين أون لاين

رفض لوبان «المنديل» يلغي لقاءها مع دريان


أثارت رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المرشحة للرئاسة الفرنسية مارين لوبان ضجّة أمس، لدى وصولها إلى دار الفتوى، ورفضها وضع منديل على رأسها للقاء مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، فغادرت من دون أن تلتقيه، قائلة: «حين التقيت شيخ الأزهر لم أرتدِ الحجاب، ولن أرتديه الآن».

وتوضيحاً لما جرى، أعلن المكتب الإعلامي في دار الفتوى في بيان، أن لوبان «رفضت وضع غطاء الرأس كما هو متعارف عليه عند زيارة المفتي دريان، مع الإشارة الى أن المكتب الإعلامي كان أبلغ المرشحة الرئاسية عبر أحد مساعديها، بضرورة غطاء الرأس عند لقاء سماحته كما هو البروتوكول المعتمد في دار الفتوى».

أضاف: «عند حضورها إلى دار الفتوى، فوجئ المعنيون برفضها الالتزام بما هو متعارف عليه بغطاء الرأس، وبعد أن تمنى المعنيون عليها وأعطوها الغطاء لوضعه على رأسها رفضت وخرجت دون إتمام اللقاء المتفق عليه مسبقاً مع سماحته، وتأسف دار الفتوى لهذا التصرف غير المناسب في مثل هذه اللقاءات».

واستكملت لوبان جولتها على كبار المسؤولين، فزارت والوفد المرافق البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، وعبّرت بعد اللقاء عن فرحتها بـ «لقاء البطريرك والرسالة التي يحملها لجهة تعلقه بالثقافة اللبنانية ودور لبنان الذي يمثل ثقافة السلام». وقالت: «تطرقنا مع البطريرك الراعي الى موضوع النازحين السوريين والعلاقة الوثيقة التي تربط لبنان بفرنسا، الامر الذي دفعني الى القيام بهذه الزيارة». وشكرت البطريرك لمنحها ميدالية البطريركية المارونية.

وبعد زيارتها للبطريرك الراعي أكملت لوبان طريقها صعوداً لرؤية مدينة جونية من حريصا، وتوقفت في أحد المطاعم حيث التقطت الصور وصدمت من روعة المنظر الذي شاهدته.

وانتقلت بعد ذلك الى معراب، حيث التقت رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقالت بعد اللقاء: «كانت زيارتي للبنان غنية جداً وسررت بلقاء الدكتور جعجع، فنحن لدينا صديق مشترك هو Wallerand de Saint-Just الذي يشغل حالياً منصب أمين صندوق الجبهة الوطنية وكان محامي رئيس القوات حين كان في المعتقل».

أضافت: «تطرقنا في اللقاء الى الوضع الجيوبوليتيكي للبنان وسوريا، وتبادلنا الآراء حول مصالح لبنان وفرنسا، كما أجرينا جولة أفق في المنطقة وتبادلنا وجهات النظر بحيث كان الرأي متفقاً على أهمية بقاء فرنسا ولبنان في منأى عن المخاطر اليوم وفي المستقبل».

بدوره، قال جعجع: «كانت جلسة مطولة استعرضنا خلالها الوضع في الشرق الأوسط ولاسيما في لبنان. وتطرقنا الى ثلاث نقاط أساسية، الأولى في ما يتعلق بالصراع الحالي في الشرق الأوسط حيث أكدت لها أن هذا الصراع ليس بين المسيحيين والمسلمين بل بين الإرهاب من جهة وبين المعتدلين من الطوائف والدول والمجموعات كافة من جهة أخرى. أما النقطة الثانية التي طرحتها أنا شخصياً فكانت موضوع بشار الأسد بحيث أخذت وقتاً في شرح الصورة التي تصل الى الغرب بطريقة غير واضحة وبدون كامل المعطيات، فأوضحت للسيدة لوبان أننا جميعنا ضد الإرهاب ولكن الإرهاب لا دين له، فكل من يقترف الإرهاب يكون إرهابياً، ووفق هذا المقياس يكون بشار الأسد من أكبر الإرهابيين في سوريا والمنطقة، إذ لا يمكننا أن ننسى في لبنان الأعمال العسكرية التي قام بها نظام الأسد على مدى عشرات السنوات فضلاً عن مجموعة الاغتيالات التي طالت قيادات ثورة الأرز، وهناك العديد من الدلائل والمؤشرات، أقله في المحاكمات والتحقيقات الجارية حالياً حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي تدل على أن نظام الأسد كانت له اليد الطولى في هذه الاغتيالات».

وأكد أن «هذا الأمر غير مقبول بالنسبة الينا اذ لا يمكن أن نفكر بأي شكل من الأشكال في بقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا على خلفية كل ما يجري هناك»، رافضاً طرح أن «البديل عن الأسد هم الإسلاميون، وبالتالي نحن لا نريد لا هذا ولا ذاك، فتوقفنا مطولاً عند هذه النقطة وطرحت رأينا المعلوم في هذا السياق».

واذ لفت الى أنه «لم يتم التداول في موضوع حماية الأقليات أو المسيحيين في لبنان والشرق باعتبار أن هذا الأمر غير وارد بالنسبة إلينا في هذا الوقت»، رأى أن «العلاقات بين فرنسا ولبنان كانت تاريخياً وما زالت حتى اليوم جيدة ويجب أن نستمر بالعمل لبقائها على هذا المنوال».

وعدّلت لوبان المكان الذي كانت ستعقد فيه مؤتمرها الصحافي في «الزيتونة باي» حيث تجمع أنصار جورج عبدالله في المكان، كما اعتصم «اتحاد الشباب الديموقراطي» تنديداً بزيارتها.

وفي هذا الإطار، صدر عن المكتب الاعلامي للنائب محمد الصفدي بيان نفى فيه «نفياً قاطعاً الشائعات التي تحدثت عن علاقة للنائب محمد الصفدي بقرار الغاء المؤتمر الصحافي للسيدة مارين لوبان في نادي اليخوت في الزيتونة باي، اذ لم تكن للصفدي أي علاقة لا من بعيد ولا من قريب بقرار مجيئها الى النادي او بالغاء مؤتمرها».

ولاحقاً، عقدت مؤتمرها الصحافي، في فندق «ذا سمولفيل» في بدارو، وعرضت خلاله لأبرز محادثاتها مع المسؤولين، وقالت: «من المهم والأساسي بالنسبة إليّ لقاء السياسيين في لبنان والوقوف عند رأيهم حول الوضع في لبنان وإعطائهم تحليلي للوضع في المنطقة. لقد تحدثنا عن الوضع الإقتصادي الهش في لبنان، نظراً الى استقباله نصف مليون لاجئ سوري، وهذا كرم كبير منه». وأشارت الى أن «المجموعة الدولية اتخذت خياراً بأن تأخذ على عاتقها مساعدة البلدان المضيفة، ولكن هذه المساعدة ليست كافية، لأن الإتحاد الأوروبي عندما فتح حدوده أمام اللاجئين خفّض مساعدة البلدان المضيفة، خصوصاً تطوير المخيمات الإنسانية للاجئين، ولكنه أخذ برأيي أخيراً حول ضرورة تطوير هذه المخيمات».

واعتبرت أن «لبنان لن يتمكن الى ما لا نهاية من تحمل كل هذه الأعباء التي تمثل نحو خمسين بالمئة من مجموع سكانه»، مشددة على وجوب «أن تقوم سوريا بخطوات لاسترداد هؤلاء اللاجئين للاقامة في مناطق آمنة، فسوريا ليست كلها في حال حرب، ويجب عليها أن تسترد مواطنيها، وأن تؤمن لهم، بالتعاون مع المجموعة الدولية، الوسائل التي تمكنهم من العودة إلى أماكن إقامتهم، فهذا واجب على النظام السوري أن يتخذه».

أضافت: «كما تطرقنا إلى المواقف التي عبّرت عنها، وهي مواقف تهدف إلى الدفاع عن مصالح فرنسا. وعن الوضع الذي لا يبدو فيه أن هناك قوى بديلة للاختيار بين نظام بشار الأسد والدولة الإسلامية، قلت، وبطريقة واضحة جداً، إن فرنسا كانت ضحية مباشرة لهجمات من الدولة الإسلامية. ولذلك، واجبها الأول تجنب الخطر الذي تشكله الدولة الإسلامية على المواطنين الفرنسيين. وفي الوقت الحالي، يبدو أن مصلحة فرنسا هي بشار الأسد. لقد سمعت مخاوف عدة، عبّر عنها العديد ممن زرتهم، نظراً الى الدور الذي لعبه في السابق النظام السوري في الحياة السياسية اللبنانية. وسمعت هذه المخاوف، وقلت للمحاورين إن موقفي هو الدفاع اليوم عن مصالح فرنسا. وعندما تنتهي الدولة الإسلامية يمكن إعادة النظر بالأوضاع».

وتابعت: «تطرقنا أيضاً إلى نوعية العلاقة بين فرنسا ولبنان، والتي هي أبعد من البعد العاطفي، فهي اليوم متوقفة، وأتمنى أن أعطيها الدينامية». ورأت أن «التدخلات يجب ألا تساهم في جعل الأوضاع أكثر خطورة، وفي تقوية سلطة المتطرفين الإسلاميين، الذين هم اليوم الخطر الأكبر الذي يجثم على فرنسا»، موضحة أن «هدفي هو توطيد أواصر العلاقات مع لبنان، وبإمكان فرنسا مساعدته على تقوية جيشه، فلا دولة مستقرة من دون جيش، جيش وطني قادر بحرية على حماية البلد والحكومة. والعلاقة بين فرنسا ولبنان يمكن أن تساعد لبنان على تقوية الجيش اللبناني وتأمين الإستقلال والسيادة التي يتعلق بهما جداً الشعب اللبناني، وكذلك فرنسا».

ورداً على سؤال عما حدث في دار الفتوى، أجابت: «منذ أشهر عدة، استقبلني شيخ الأزهر، وهو أكبر مرجعية للسنة في العالم، ولم يفرض أن أضع الحجاب. وعندما قمنا بالاتصال مساء أمس (الاول) مع دار الفتوى، أخبر صديقي جامو الحاضر هنا مكتب المفتي بأني لا أرغب في وضع الحجاب، وكان بإمكان مكتب المفتي أن يقول لنا إنه لن يبقي على الزيارة، ولكن لم يردنا شيء في هذا الخصوص، فأبقيت الزيارة، رغم أنني عبّرت عن رغبتي هذه، ولكن عندما وصلت فرضوا عليّ وضع حجاب الرأس، فأجبت أنه ليس وارداً ابداً أن أضعه، فانسحبت ولم أقابل المفتي. الأمور واضحة جداً، أنا أحترم المفتي، وأكنّ له اعتباراً كبيراً. ولهذا، أردت أن أراه، ولكن أرفض أن أتحجب، وأعلمته بذلك، واعتقدت أن الإبقاء من جانبه على الزيارة كان قبولاً لشرطي، ولهذا، لم تتم الزيارة».

أضافت: «أما في خصوص المتظاهرين، فإنهم مخطئون، الجميع يعلم بأني لا أقوم بحرب دينية، بل أقوم بحرب ضد الأصولية الإسلامية، التي هي خطر على الإنسانية جمعاء، وعلى بلدي خصوصاً. لم أخلط يوماً بين الدين الإسلامي والأصولية، ولم أمزج يوماً بين الإسلام كدين وبين الإسلام كمشروع سياسي، الذي يهدف، وفي عقول البعض، إلى تطبيق الشريعة ضد القانون والتقاليد ودساتير البلدان، وهذا واضح جداً. وصحيح ايضاً أني قلت للرئيس سعد الحريري اني سعيدة لرؤيتي مسلمين معتدلين يناضلون ضد الأصوليات، وأتمنى أن يزداد عددهم وأن يسمع صوتهم، وقلت له أن يأخذ حذره من الأصدقاء المزيفين، من الذين يتهمون من يحاربون الأصولية بالإسلاموفوبيا، لأنهم يخلقون حالاً من الإرتباك بين الإسلام كدين والإسلام كمشروع سياسي، وأنا لا أنتمي الى الأصدقاء المزيفين، كنت دائماً واضحة، فأنا أناضل ضد الإيديولوجية السياسية، التي هي الأصولية الإسلامية، ولكنني لا أشن حرباً ضد أي دين على الإطلاق».

وتابعت: «ليست لديّ أي علاقة مع بشار الأسد، لم ألتقه يوماً على خلاف العديد من المسؤولين السياسيين الفرنسيين. وذكرت أن اهتمامي الآن هو مصلحة فرنسا، وليست هناك الآن أي بدائل لنظام الأسد، وأسوأ شيء يمكن أن يحدث في سوريا هو سيطرة الدولة الإسلامية عليها، مما يعني سقوط الدولة. ولذلك، لمصلحة بلدي فإن خياري هو المحافظة على الدولة السورية»،

وبعد الظهر، غادرت لوبان والوفد المرافق بيروت.

إلى ذلك، أكد رئيس المجلس الثقافي الإنمائي لمدينة بيروت الإعلامي محمد العاصي، بعد اجتماع الهيئة الإدارية للمجلس وكل اللجان الثقافية والأدبية التابعة له، استنكار موقف المرشحة الفرنسية «الذي يبعد كل البعد عن الثقافة وتبادل الاحترام»، مؤيداً القرارات المتوافق عليها بروتوكولياً في دار الفتوى التي تسمح للزوار بلقاء المفتي.

المصدر:المستقبل



نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.
إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّائها!

BEIRUT WEATHER

  الأكثر قراءة



  الوفيات


القاضي الشاعر محمد شمس الدين

علمٌ قضائيٌ بارز ، وشاعِرٌ مُرهف وصحافي سابق مؤسس صوت البقاع، ذلك هو باختصار القاضي الراحل والأديب محمد شمس الدين. والذين عرفوه أحبوا فيه تلك الصّفات المميزة التي تشدّك اليه مثل التواضع الجمّ، والضمير الحي والوطنية الثاقبة، حيث كانت له في كل مناسبة وقفة وفي كل حدثٍ إيحاءً ي...







 
جب جنّين أون لاين