جب جنّين أون لاين

«شيلني يــا بــابــا»


مكابداً آلامه، يحاول الطفل عبد الباسط السطوف ذو السنوات التسع الجلوس على الأرض بعد دقائق من بتر قدميه إثر سقوط برميل متفجر على منزله في شمال غرب سوريا، قبل أن ينادي والده مستغيثاً «شيلني يا بابا» (احملني يا أبي).

توثق هذه المشاهد القاسية والمؤثرة التي تضمنها شريط فيديو جرى تداوله بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظات صعبة عاشها الطفل عبد الباسط الخميس إثر إلقاء الطيران الحربي برميلاً متفجراً، استهدف منزلاً تقيم فيه عائلته في قرية الهبيط في ريف إدلب الجنوبي، ما أدى الى بتر قدميه ومقتل أفراد من أسرته.

ويستعيد عبد الباسط لحظات الرعب التي عاشها مع أفراد أسرته أول من أمس، وهو ينتظر داخل سيارة إسعاف في مدينة إدلب حيث تلقى العلاج الأولي، قبل توجهه الى الحدود التركية، ويقول بصوت يرتجف «كنا جالسين نتناول الغداء حين ألقت طائرة برميلاً على البلدة، وأمرنا أبي أن ندخل المنزل».

ويوضح الطفل وساقاه مضمدتان وهو محاط بأقربائه «عند وصولنا إلى باب المنزل سقطت حاوية على منزلنا.. وعند انفجارها، تطايرت النار باتجاهي وبترت قدمي»، مضيفاً «حملني أبي بعد القصف مباشرة ووضعني على التراب ومن ثم أتت (سيارة) الإسعاف».

وفي شريط الفيديو، يظهر عبد الباسط بعد وضعه على الأرض قرب شاحنة صغيرة متوقفة وهو متماسك برغم بتر قدميه، لكنه يصرخ تكراراً «شيلني يا بابا». ويردد رجل في الخلفية «يا الله» ويستغيث طالباً سيارة إسعاف.

وفي قرية الهبيط الواقعة في منطقة معرة النعمان، تبدو آثار الدمار واضحة على المنزل الذي كانت العائلة قد استأجرته قبل أقل من عامين، إثر نزوحها من منطقة اللطامنة في محافظة حماة (وسط).

ويصف مالك المنزل وليد أبو راس ما حدث بأنه «مجزرة حقيقية»، مضيفاً «كانت العائلة تتناول طعام الغداء وكنت أتمشى مع والده في الحديقة ولم نشعر إلا بأن الطيران أتى» قبل أن «يسقط البرميل المتفجر (..) ويحدث انفجاراً كبيراً».

ويروي كيف هرع الوالد كالمجنون الى مدخل المنزل وسارع الى حمل عبد الباسط لإسعافه.

ويقول «بترت قدما عبد الباسط واستشهدت إحدى شقيقاته وأمه وأصيبت شقيقته الأخرى» مضيفاً «حتى الآن لا يعلم عبد الباسط أن أمه قد استشهدت». كما قتل زوج شقيقته في القصف ذاته.

تجسد مأساة عبد الباسط عينة من معاناة أطفال سوريا جراء ويلات الحرب المستمرة منذ نحو 6 سنوات والتي تسببت بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص.

وفي آب الماضي، صدمت صورة الطفل عمران (4 سنوات) وهو جالس داخل سيارة إسعاف ووجهه مغطى بالدماء والغبار العالم بأكمله، إثر غارة استهدفت منزله في مدينة حلب (شمال).

وبحسب تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في آذار الماضي، ولد 3,7 ملايين طفل سوري منذ بدء النزاع ونشأوا في سياق «من العنف والخوف والاقتلاع».

وتقدر المنظمة أن النزاع يترك أثره حالياً على 8,4 ملايين طفل سوري، أي ما يعادل أكثر من 80% من إجمالي الأطفال، سواء في سوريا أو خارجها.

وتشهد الجبهات الرئيسية في سوريا وقفاً لإطلاق النار منذ 30 كانون الأول، بموجب اتفاق روسي - تركي. إلا أن اشتباكات وغارات متفرقة تشهدها مناطق عدة تعكر الهدنة وغالباً ما تتسبب بسقوط ضحايا من المدنيين.

ونشرت مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية بعد ظهر أمس، صوراً على حسابها على موقع «تويتر» إثر وصول عبد الباسط الى الجانب التركي من الحدود وهو محاط بالمسعفين.

ويظهر في إحدى الصور جالساً داخل سيارة إسعاف وهو مغطى، وفي أخرى ممدداً على حمالة وقربه دمية صفراء يكاد حجمها يوازي حجمه.

(أ ف ب)



نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.
إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّائها!

BEIRUT WEATHER

  الأكثر قراءة




  الوفيات


القاضي الشاعر محمد شمس الدين

علمٌ قضائيٌ بارز ، وشاعِرٌ مُرهف وصحافي سابق مؤسس صوت البقاع، ذلك هو باختصار القاضي الراحل والأديب محمد شمس الدين. والذين عرفوه أحبوا فيه تلك الصّفات المميزة التي تشدّك اليه مثل التواضع الجمّ، والضمير الحي والوطنية الثاقبة، حيث كانت له في كل مناسبة وقفة وفي كل حدثٍ إيحاءً ي...







 
جب جنّين أون لاين