في مكان غير بعيد عن مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي حضر الى مجلس النواب امس، كان هرج كبير اقرب الى الاحتفال بقدوم زائر طال غيابه عن المكان، وكان يظن، للوهلة الاولى، ان نصاب المرشحين الى الرئاسة الاولى قد اكتمل بحلولهم في القاعة العامة، حيث يتابعون مع النواب دقائق ترشحهم الى قصر بعبدا. فكان الانطباع تاليا، ان نصيحة بري تحققت، بان حضر هؤلاء ليبنى على الشيء مقتضاه، ولكن بعد التدقيق، تبين ان الترحيب كان بواحد من هؤلاء المرشحين النواب الثلاثة، هو على جاري العادة النائب هنري حلو، الذي ما ان اقترب من منصة رئاسة الحكومة داخل القاعة العامة حتى علا تأهيل النائب الجبلي جورج عدوان، وراح يدفع به الى داخل الدائرة التي جمعت عددا من النواب مع الرئيس فؤاد السنيورة.

في الجلسة الـ35 لانتخاب الرئيس كان كبيرا حجم التوقعات، في مقابل واقع لم تتغير معطياته المتكررة من 30 نيسان 2014، نواب 14 آذار مع زملائهم «الوسطيين» في كتلتي «التحرير والتنمية« و«اللقاء الديموقراطي»، يقصدون الهيئة العامة لاتمام واجبهم الدستوري، في مقابل قرار مستمر لنواب 8 آذار في «حزب الله» وتكتل «التغيير والاصلاح« في مقاطعة هذا الاستحقاق. وازاء هذا الخلل التمثيلي، فقدٌ للنصاب القانوني للجلسة، فدخول للامين العام للمجلس عدنان ضاهر الى القاعة العامة ليتلو بيان التأجيل، وهذه المرة الى الاربعاء 2 آذار المقبل، فعرض لبعض المواقف في مؤتمرات صحافية متتالية في قاعة الصحافة.

في الجلسة الـ35 لانتخاب الرئيس، حضر الاعلام اللبناني والعربي الى المجلس بقوة كبيرة، ربما بسبب حضور بري اليه، في وقت سرت بعض الشائعات من هنا وهناك، تخبر بان انتخاب الرئيس ربما يحصل، وأن بري سيفتتح الجلسة بكلمة مهمة، الا ان شيئا من ذلك كله لم يحصل، بالتزامن مع كلمة وزعها «الحراك الشعبي» على الداخلين الى ساحة النجمة، فيها توصيف لهذه الجلسة كالآتي: «مبروك دخول لبنان موسوعة «غينيس»، اتدري لماذا لا ينتخب رئيس من هذا المجلس؟ كون اكثرهم يريد رئيسا على شاكلتهم. بيبيع وبيشتري، في الصومال ومجاهل افريقيا انتخب رئيس، وبسببهم لبنان لا يستطيع، بسببهم شبابنا يموت غرقا في البحار، وهم غارقون في السرقة والفساد، لبنان سويسرا الشرق كان يصدر العقول والمنتوجات، بسببهم اصبح يصدر النفايات، تهان كرامتنا بوصفنا كالغنم، وبعضنا ما زال متعلقا بالزعيم، انتفض لكرامتك لوطنك ولانسانيتك ولمستقبل اطفالك، انت على حق وهم على باطل«.

اقتراح تعديل دستوري

قال النائب بطرس حرب بحضور النائب دوري شمعون، ان هذا المجلس «المخصص لانتخاب الرئيس يجب ان يتحول هيئة احتفالية فقط لا غير، دوره الوحيد ان يبصم على قرار يتخذ خارج المجلس، ويعين رئيس الجمهورية، وشغلتنا ان نعمل حفل تنصيب له».

وكرر رغبته في التمسك بان يبقى المجلس «مصدر السلطات في لبنان، وهو يقترع لرئيس الجمهورية وينتخبه، فاذا كان المطلوب منا المجيء للبصم على قرار يتخذ خارج المجلس، نحن لن نبصم ولن نشترك في احتفالية تنصيب اي شخص، لا يوافق عليه ولا ينتخبه مجلس النواب، ونظرية انه لن تحصل انتخابات طالما ان هناك اكثر من مرشح مرفوضة منا، وتسقط ميزة لبنان انه الدولة الديموقراطية الوحيدة في العالم العربي».

وأسف لوجود «فريق سياسي لا يزال يتمسك بموقفه بتعطيل جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، وإبقاء البلاد في حال فراغ». واعلن انه توصل، «بعد التشاور مع بعض القوى الحليفة، الى اقتناع انه يجب التعديل في النصوص الدستورية التي ترعى هذا الامر»، لذا، كشف انه يحضر اقتراح تعديل دستوري ينص على امرين: «الاول اعتبار ان على كل نائب حضور جلسات مجلس النواب، وفي حال تغيب عن حضور ثلاث جلسات من دون عذر شرعي يعتبر مستقيلا، وهو ملزم ان يحضر كل الجلسات اذا اراد المحافظة على نيابته، والامر الثاني هو لتفادي استمرار القوى السياسية في مواقفها، لذا، نرفق الاقتراح بعبارة تقول ان رئيس الجمهورية يستمر لمتابعة مهماته الدستورية حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مما يدفع القوى السياسية بكاملها الى ان تعرف انه، في حال لم تنتخب رئيسا للجمهورية، هناك رئيس جمهورية مستمر في تصريف الاعمال، وذلك مراعاة لوجود كل القوى السياسية في السلطة، ولا سيما الوجود والدور المسيحيان». اضاف: «لا نستطيع ان نعيش في لبنان ونقول ان هناك توازنا سياسيا ووفاقا وطنيا محترما، وان هناك ميثاقية محترمة، اذا لم يكن هناك رئيس للجمهورية في لبنان». وامل ان «تغير القوى السياسية التي تعطل انتخاب رئيس الجمهورية رأيها، وتتفضل في الحضور الى مجلس النواب، ومن ينتخب فيه وينال الاكثرية يكون هو رئيس الجمهورية».

المطلوب دفتر شروط

من جهته، اعلن شمعون «موافقته على ما اورده حرب«. وقال: «يجب وضع دفتر شروط لرئيس الجمهورية حتى نحترم هذا الموقع».

ومن ثم، عقد النائب سامي الجميل مؤتمرا صحافيا، يحوطه النائبان نديم الجميل وفادي الهبر. فأبدى استياءه وغضبه من تعطيل الجلسة و»الاستخفاف بموقع رئاسة الجمهورية». وقال ان «الامتحان ليس للنواب انما للكتل السياسية التي سقطت في الامتحان، وللرأي العام، اذا كان فعلا قادرا على المحاسبة، فقد حان الوقت لنحتكم للديموقراطية وتقبل النتائج لصالحنا او لا«.

وعلى جاري العادة، دخل الرئيس فؤاد السنيورة بمعية النائب جورج عدوان الى قاعة الصحافة، بعد انفضاض الاجتماع الدوري بينهما في صالون النواب. وقال السنيورة: «كما ترون الجلسة الـ35 انعقدت وحضر 58 نائباً، ورأينا من الذي كان يقاطع طوال الفترة الماضية، ومن المسؤول عما آل اليه انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا الأمر طبيعي، ان من يقاطع وأقولها بالاسم، ان «التيار الوطني الحر» وكذلك «حزب الله» هما المسؤولان»، فقيل له ان مرشح تيار «المستقبل» النائب سليمان فرنجية غاب عن الجلسة ايضا، فرد «ماشي، و»المردة»، ومن قاطع مسؤول عما تصل اليه الأمور، وهذا الأمر اصبح يمس حياة المواطنين ومستقبل الدولة وانتظام العمل الحكومي».

وتحدث عن الدفاع المدني، وقال: «هناك قانون صدر، وعندما يصدر قانون من يرضى ومن لا يرضى في النهاية عليه ان يلتزم بالقانون، الآن ما يخص الدفاع المدني من مسؤولية وزيريّ الداخلية والمال».

وعن الضريبة على البنزين، لفت الى «أننا نحن في نظام ديموقراطي، وهناك حكومة ومسؤولون في الحكومة لهم وزارات معنية، فمن يحدد حاجة الدولة او عدم حاجتها الى موارد اضافية؟ وزارة المال هي من يقول ذلك، وتاليا هي الأعلم الى أين وصل الوضع المالي للدولة؟ وهل في امكانها ان تتحمل أعباء اضافية؟ وكيف يمكن تدبر التمويل اللازم لذلك؟ فأي كلام آخر من اي شخص آخر لا قيمة له، لندع وزارة المال تتولى هذه المسؤولية».

قيل له انه هو من اقترح الـ5 آلاف ليرة على البنزين، فرد «أنا نائب، وكل نائب له حق الادلاء في رأيه، وفي النهاية من هو المعني مباشرة في هذا الشأن؟ انه وزير المال«.

وتلاه عدوان، مشيرا الى ان «الترشيح حصر بين مرشحين مؤيدين من 8 آذار، مع العلم ان العماد ميشال عون هو المرشح الأساسي لهذه القوى». ولفت إلى انه «كخطوة أولى، على حزب الله ان يتفاهم مع رئيس تيار المردة، لينسحب لمصلحة العماد عون، لأنه المرشح الأساسي لهذه القوى، وخصوصا بعد مقاطعة فرنجية، نزولاً عند رغبة حزب الله».

وأشار الى أن «الخطوة الثانية هي ضرورة تفاهم عون مع مكونات 14 آذار، وخصوصا تيار المستقبل وحزب الكتائب اللبنانية، للوصول إلى انتخابه رئيساً». وطمأن ان التواصل مع نواب «المستقبل» هو «دائم ومستمر في كل الأوقات خلاف كل ما يحكى»، مشددا على «استمرار السعي الى التقارب» بين عون و14 آذار. وبعدما لفت الى «التشارك مع الكتائب بعمق المبادئ النضالية والنقاط العشر»، التي أعلنها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، شدد على ان «القوات» لن تسير «خارج» هذه المبادئ، وانها «لا تساير، ولن نقبل بحكومة خارج هذه المبادئ، كما ان عملنا في المجلس النيابي سيكون مرتكزاً عليها«.

( المستقبل )