أكد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أن «الناس فشت خلقها وأعربت عن غضبها، وهذا مشروع، وهو غضب لم يأت من فراغ، بل من إهمال وتراكم وسياسات وصدامات سياسية نتج منها عدم إيجاد حلول ومخارج لكثير من الاستحقاقات أبرزها تلبية حاجات الناس الحياتية اليومية التي تساعدها على الاستمرار والصمود، والنفايات احد الملفات الكبرى، التي أدى الصراع السياسي حولها الى أن تصبح في صلب المواجهة التي تتحمل مسؤوليتها الطبقة السياسية«.

وقال أمام زواره امس: «صحيح أن هناك جهات تحرض وتؤجج وموجودة في أجواء ثورة وانقلاب سياسي، تشبه ما جرى في بلدان أخرى، في وجه ديكتاتوريات وأنظمة قمعية، ولكن في لبنان ليس هناك وضع كهذا، لأن هناك نظاماً ديموقراطياً عريقاً يسمح للناس بأن تعبّر، وطالما هناك هذا التعبير السلمي، فلا بد من أن يشتد ويستمر الى أن تعي القوى السياسية الأخطار التي تحدق بالبلاد«.

وشدد على «أولوية إنهاء الشغور الرئاسي كمقدمة لمعالجة الكثير من المشكلات. والمعروف أنه في هذه الدوامة، هناك سعي دولي وإقليمي الى التصدي لشؤون المنطقة، خصوصاً بعد الاتفاق على النووي الإيراني، الذي أفسح مجالاً للالتفات الى قضايا أخرى. ولبنان ليس من الأولويات قياساً الى حجم المصائب الكبيرة من الوضع السوري الى اليمن وليبيا والعراق، لكن هذا لا يعني أن الحل في لبنان غير ممكن، فهو الأسهل منالاً من كل الملفات الأخرى، التي تحتاج الى كثير من المساعي والترتيبات والمؤتمرات. فموضوع لبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية من أجل اكتمال الجسم الديموقراطي والدستوري، وبالتالي يفترض ألا يأخذ جهوداً كثيرة من الدول. فالتجارب تثبت أنه حين تتفق الدول يتم إيجاد الحل، وانتخاب رئيس في لبنان لا يحتاج الى تحريك قوى كبرى وإجراءات جغرافية. وصحيح أن انتخاب الرئيس لا ينفي استمرار الصراع السياسي في لبنان والحاجة الى رعاية لبنان دولياً واقليمياً، لكن إذا بات لدينا رئيس نكون استكملنا ما يحتاجه البلد ومؤسساته ونظامه الديموقراطي ونكون أعطينا متنفساً لمعالجة قضاياه«.

أضاف: «شاهدتم كيف تعاملنا مع تظاهرة السبت ومرت الأمور بهدوء وسلام وحمينا المتظاهرين، وحاول البعض افتعال الشغب وكان واضحاً كيف سعت القوى الأمنية الى احتوائهم، وآمل أن يتم احتواؤهم في كل مرة تحصل تجمعات، هي من حقوق الناس. لكن ماذا إذا استمرت محاولات الشغب وصعب احتواؤها مستقبلاً؟».

وعن مطالب المتظاهرين سواء التي تتعلق باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق أو غيرها، أوضح أن «الحكومة تتألف من القوى السياسية وهي ائتلافية، والأمر يعود الى هذه القوى. الحكومة شبه مشلولة وشبه عاجزة، فليدعموا دورها ويتيحوا لها اتخاذ القرارات الحازمة والقوية في شأن الملفات وأبرزها النفايات. الوزير المشنوق ليس وحده المسؤول، وتمكينها من العمل يسمح للدولة بفرض هيبتها. وإذا كان الحكم مستضعفاً، ويريدون ذهاب الحكومة، ففي لحظة انتخاب رئيس الجمهورية تذهب الحكومة ويصبح الخيار أمام حكومات ربما أكثر انتاجية ووحدة وقوة. ما يحول دون استقالتها هو الخشية من الفراغ والفوضى اللذين لا يعرف أحد عواقبهما وسلبياتهما. وفي ظل الحجز القائم على معالجة الملفات ينشأ واقع من المؤكد أن تظاهرة من 20 ألفاً أو 200 ألف قد تنزل، لكن هذا لا يحل المشكلة وقد يؤدي الى مزيد من الخراب والانهيار والأذى على كل اللبنانيين«.

أضاف: «لنذهب الى انتخاب رئيس. والحريص على البلاد والعباد، بمن فيهم الناس الذين يعبّرون عن قضية نتفهمها في هذه الظروف الشائكة، يدرك أن هذا هو الحل. ليكن الضغط من أجل انتخاب رئيس. ولتكن الدعوة الى تفعيل البرلمان كي ينتخب رئيساً، وليس لتهديم المؤسسات«.

وأشار الى أنه استجاب الى تمني رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتريث في دعوة مجلس الوزراء مجدداً بعد الخلاف على إصدار بعض المراسيم وقرارات الحكومة الأخيرة «نظراً الى رغبته الدائمة في إعطاء الفرص لاتصالات تتوصل الى مخارج لتفعيل عملها، ولأن الرئيس بري مكون أساس في هذه الحكومة«، قائلاً: «ليست المرة الأولى التي نتريث. قبل أسبوع، تريثنا في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، وقبل ثلاثة أسابيع تريثنا وقبل نحو ثلاثة أشهر تريثنا، ولكن إذا كانت الحكومة ستبقى من دون إنتاج فلماذا بقاؤها؟«.

وزراء

واستقبل سلام في السرايا الحكومية، وزير الاتصالات بطرس حرب الذي قال: «كان الاجتماع للتشاور والتداول ومتابعة القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في ما يتعلق خصوصاً بتوزيع أموال للبلديات من عائدات الهاتف الخلوي. ان هذه الأموال هي حق للبلديات وتفسح في المجال لمن يريد منها تسهيل ملف معالجة النفايات محلياً خصوصاً البلديات التي هي قادرة الى حد ما على البدء بهذه المعالجة وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء«.

أضاف: «إن تحريك هذا المرسوم أمر جيد ونأمل أن يتم في أقرب وقت خصوصاً أن وزارة المالية قد أعدت المرسوم. كما بحثنا في المنهج الجديد الذي اتخذه ملف النفايات من خلال تشكيل لجنة فنية مكلفة وضع تقرير سريع خلال أيام معدودة لوضع تصور للحل وهذا أمر جدير بالتوقف عنده ومتابعته لا سيما وأنه من المفترض أن يبحث مجلس الوزراء في هذا الأمر لنطوي هذه الصفحة القذرة من تاريخ الإدارة اللبنانية«.

والتقى وزراء: السياحة ميشال فرعون، الاعلام رمزي جريج، الشؤون الاجتماعية رشيد درباس والعمل سجعان قزي.

فاعليات البقاع

وزار السرايا مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس مترئساً وفداً من فاعليات البقاع ضم مشايخ ورؤساء بلديات وقضاة شرعيين، وقال: «من الطبيعي أن نتواجد في مثل هذا الوقت الى جانب دولة الرئيس تمام سلام في هذه الظروف الصعبة والقاسية التي تمر بها البلاد لنقول له إن الوطن معك وإن الله معك والشعب معك، ونحن من هذا الشعب معك ونشد على يدك ونأمل أن تصمد هذه الحكومة أمام التيارات العاصفة وهذه التصرفات التي تجاوزت حدها، واذا وقف الشعب أمام هذا المبنى وهذه القامة وهذه الهامة فنحن سعداء«.

أضاف: «نحن موجودون في هذا الوطن وان شاء الله يكون قرار الثبات فيه بيد دولة الرئيس سلام، ولكيلا يظن أحد أن الرئيس ليس له شعب، نقول نحن عناوين هذا الشعب، وقد جئنا لنقول له إن موقفك وثباتك هو وفاء لهذا الوطن، وليس بعيداً من هذا المبنى تقف هامتان كبيرتان وهما تمثالان من معدن لكن التاريخ هو المثال لصمود هذا البلد. حفظ الله الرئيس سلام ولبنان والاوفياء لهذا الوطن».

وبحث سلام مع وزير الزراعة أكرم شهيب في الأوضاع والتطورات على الساحة الداخلية.

والتقى سفيرة الأورغواي في لبنان مارتا إينز بيتزانيللي، وعرضا للعلاقات الثنائية بين البلدين.

الى ذلك، صدر عن المكتب الاعلامي لسلام بيان جاء فيه: «في ضوء ما آلت اليه مشكلة النفايات، وسعياً منه الى إيجاد مقاربة جديدة وفاعلة يكون من شأنها إيجاد حلول سريعة لهذه الأزمة الوطنية الكبرى التي تتخبط فيها البلاد، قرر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ما يلي: أولاً: تكليف وزير الزراعة الاستاذ أكرم شهيب ترؤس لجنة من الخبراء وأصحاب الإختصاص، تكون مهمتها النظر في الملف واقتراح مخارج وحلول فورية للأزمة، تأخذ في الاعتبار التوجه الذي عبر عنه مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة إضافة الى أية أفكار مفيدة أخرى. ثانياً: تبدأ هذه اللجنة فوراً إجتماعات مفتوحة، وترفع نتائج عملها إلى الرئيس تمام سلام في أسرع وقت».


( المستقبل )