جب جنّين أون لاين

أهالي العسكريين .. تفاؤل بلا إفراط


صحيح أن منسوب التفاؤل لدى أهالي العسكريين المخطوفين وصل إلى درجة تجعلهم يتنفسون الصعداء، خصوصاً بعد أن سلمت جبهة « النصرة « للمرة الأولى ، لائحة تتضمن أسماء من تطالب بالإفراج عنهم في السجون اللبنانية والسورية، للوسطاء اللبنانيين والقطريين. غير أن الثابتة الوحيدة هي أن الخوف والقلق ما زال موجوداً في نفوسهم، فمرارة التجارب التي عاشوها على مدى الأشهر الثمانية الماضية أعطتهم درساً، جعلهم لا يفرطوا في تفاؤلهم وأملهم قبل رؤية أبنائهم بينهم.

وإذا كان بعض الأهالي يفكر في قلبه وعاطفته، فإن البعض الآخر يعمد إلى تحليل مجريات الأحداث والتطورات بشكل علمي وموضوعي مما يجعلهم، في المرحلة الحالية أكثر ارتياحاً من أي وقت مضى حتى أنهم يؤمنون بأن المفاوضات مع الدولة الإسلامية «داعش» غير متوقفة، وإن ما تتناقله بعض وسائل الإعلام في هذا الإطار غير دقيق لأن هذه المفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة، وهي في انتظار حلحلة بعض العقد كما أنهم غير متخوفين من تأثير الوضع العسكري في جرود رأس بعلبك وعرسال على مسار قضية أبنائهم باعتبار أن المفاوضات لها أهدافها وغاياتها ومكاسبها، والمعارك العسكرية لها أهدافها حتى أن بعض الأهالي ينتظر رؤية شيء ما إيجابي خلال اسبوع أو عشرة أيام، كما يرون أن المفاوضات التي تسير على السكة الصحيحة في حال استمرت بهذه الوتيرة من دون وقوع أي طارئ يعيدها إلى الوراء، فإن العسكريين سيكونون مع أهلهم في أواخر شهر آذار الجاري أو بداية شهر نيسان المقبل. ولعل ما لمسوه من المسؤولين ومن الاتصالات التي أجروها من تطمينات، تؤكد لهم أن ما من أمر سيقف في طريق إعادة العسكريين إليهم، مما جعلهم أكثر ارتياحاً للائحة أسماء جبهة «النصرة» ، كما انهم يعوّلون على أن «داعش» ستسير على الخطوات ذاتها لأن ملف العسكريين المخطوفين لدى «النصرة» أو لدى «داعش» مرتبط ، وأي حلحلة من أي جهة أتت ستنسحب على الجهة الأخرى.

وفي الوقت الذي عاش فيه الأهالي أصعب تجربة في حياتهم، استنزفت أعصابهم وطاقاتهم ودموعهم حتى أنهم وصلوا إلى أعلى درجات اليأس والإحباط أكثر من مرة، حين كان يهددهم الخاطفون بذبح أبنائهم، ها هم اليوم يعيشون على وقع «الانتظار الضبابي«، انتظار تلك اللحظة التي يسمعون فيها أنه تمّ الإفراج عن أبنائهم «وما أصعب أن يعيش الإنسان هذا النوع من الانتظار، انتظار عودة الروح إلى أجسادنا، عودة فلذات أكبادنا، عودة من كنا اعتبرناهم أمواتا أكثر من مرة وخلال أكثر من تهديد». الأهالي اليوم يعيشون كل لحظة كأنها دهر حتى أنهم باتوا غير قادرين على وصف مشاعرهم المزدوجة التي تتخبط بين فرح إمكانية الوصول إلى نهاية سعيدة في ملف أبنائهم، وبين الخوف من أن تذهب لحظات انتظارهم الطويلة سداً، لكن سرعان ما يزيلون الأفكار السيئة من رؤوسهم، ويتفاءلون لأنهم يؤمنون بالمثل القائل: «تفاءل بالخير تجده» كما أنهم يتّكلون على الله، ويصلّون ليلاً ونهاراً أن تجري الرياح كما تشتهي سفنهم، ويتشبثون بأمل اللقاء الذي سيمحو آثار عذاب 8 أشهر، وسينفض غبار ألم الفراق عند أول غمرة لأولادهم الأسرى.

وفيما بدت خيم الأهالي في ساحة رياض الصلح يوم أمس، هادئة حيث أن غالبية الأهالي توجهوا إلى مناطقهم للاستراحة ولتمضية عطلة نهاية الأسبوع مع عائلاتهم، أكد المتواجدون في الساحة أنهم ملتزمون عدم التصعيد والتكتّم في المعلومات لأنهم يلمسون أن الدولة تتجه إلى إيجاد حلّ لملف أبنائهم لكنهم سيواصلون اتصالاتهم وزياراتهم للمسؤولين بهدف إبقاء ملف العسكريين من أولى أولويات الحكومة، وفي اللحظة التي يلمسون فيها تقسيراً أو عرقلة من جانب الدولة سينفذون تصعيداً غير مسبوق « لكن نأمل أن لا نصل إلى هذه المرحلة». ويصرّ الأهالي على إيصال رسالة شكر وامتنان إلى شباب «تيار المستقبل» «الذين لولا مساعدتهم اللوجستية والمادية لما كنا استطعنا الاستمرار على مدى ثمانية اشهر»، ويكشفون لـ»المستقبل» أنه «في حال تمت الأمور على خير وأطلق سراح العسكريين، سنقيم مهرجاناً كبيراً هنا في ساحة رياض الصلح سيتضمن كلمات نابعة من القلب كما أننا سنحاول الاتصال بفنانين ليكون هناك أغنية مشتركة وطنية تكون بأهمية الحدث الوطني».

ويلفت حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف الذي فضّل عدم ترك الخيمة رغم اشتياقه لحفيده (ابن محمد) إلى أنه «ينتظر ضوءاً أخضر يسمح له بزيارة ابنه المخطوف لدى «داعش»، وأعلق آمالاً كثيرة على هذه الزيارة رغم أنني اتمنى لو أراه بيننا قبل أن أراه في جرود عرسال»، مشيراً إلى أنه «منذ 3 أشهر لم نتلق أي اتصال أو تسجيل من قبل الخاطفين». ويعتبر أن «عودة الوسطاء الأتراك والقطريين ، جاءت نتيجة مناشدتنا لعودتهم وتدخلهم في ملف العسكريين كما أن اتصالات لبنانية ساهمت في هذه العودة مع العلم أن قطر لم تنسحب من القضية منذ البداية بل كانت تعمل بطريقة سرية، وهي من المتعهدين أنه في حال حصل دفع أموال للخاطفين، ستدفع ما تقصّر عنه الدولة اللبنانية».

أما أم خالد، والدة العسكري المخطوف خالد مقبل حسن، التي لا تفارق الدمعة عيونها ولا تفارق هي خيمتها علّها تسمع خبراً يبرّد أعصابها لأنها كما تقول: «لم أعد أعرف بما أشعر أو بما أفكر، لقد أتلفت أعصابي»، مشيرة إلى أن «ما من شيء يطمئنها سوى رؤية ولدها بين ذراعيها». وتوجهت إلى الخاطفين بالقول: «حرام عليكن، رجّعولي إبني كرمال الله، لأننا تعبنا، ولم نعد نعرف ليلنا من نهارنا»، متمنية على الدولة «تسريع المفاوضات والوصول إلى النتيجة التي نتمناها جميعاً».


( المستقبل )



نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.
إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّائها!

BEIRUT WEATHER

  الأكثر قراءة



  الوفيات


القاضي الشاعر محمد شمس الدين

علمٌ قضائيٌ بارز ، وشاعِرٌ مُرهف وصحافي سابق مؤسس صوت البقاع، ذلك هو باختصار القاضي الراحل والأديب محمد شمس الدين. والذين عرفوه أحبوا فيه تلك الصّفات المميزة التي تشدّك اليه مثل التواضع الجمّ، والضمير الحي والوطنية الثاقبة، حيث كانت له في كل مناسبة وقفة وفي كل حدثٍ إيحاءً ي...







 
جب جنّين أون لاين