جب جنّين أون لاين

الاعتبارات التي تدفع إسرائيل إلى "احتواء" هجوم "حزب الله


يرسل حزب الله رسائل واضحة مفادها أنه قد صفى حسابه مع إسرائيل، وان الكمين الذي وقع صباح أمس وأدى إلى مقتل جندي وضابط وجرح سبعة جنود يشكل رداً انتقامياً شاملاً له على اغتيال كبار مسؤوليه يوم الإثنين الماضي في هضبة الجولان.
لذا فالكرة الآن في المرمى الإسرائيلي. ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس الأركان بني غانتس ونائبه يائير غولان، هم الذين سيقررون ما الذي سيحدث من الآن وصاعداً. وهم يواجهون معضلة صعبة، فاذا وجهوا ضربة قاسية ضد حزب الله في لبنان فقد تكون النتيجة نشوب مواجهة شاملة معناها حرب لبنان ثالثة، سيتعرض خلالها حزب الله ولبنان لدمار وخسائر هائلة، كما ستتعرض الجبهة الداخلية في إسرائيل لهجمات قاسية وربما إلى ما هو أكثر.

اما اذا قررت إسرائيل ضبط النفس فهي ستخسر الردع الذي حققته في حرب لبنان الثانية. ويستطيع حزب الله في المقابل التباهي بانه هو الذي يردع إسرائيل وليس العكس. ونتيجة لذلك سيواصل الحزب عملياته ضد إسرائيل في المستقبل مفترضاً أن الجيش الإسرائيلي سيواصل ضبط النفس. في مثل هذه الظروف سيكون من الصعب جداً على إسرائيل والجيش الإسرائيلي منع انتقال شحنات السلاح من سوريا إلى حزب الله في لبنان، ومنع قيام جبهة ثانية ضد إسرائيل في الجولان.
يتساوى هذان الاعتباران الاستراتيجيان من حيث الأهمية ويجعلان القرار الإسرائيلي أكثر صعوبة. لكن هناك اعتبارات اضافية: اولاً ان اغتيال قيادة "الجبهة الثانية في الجولان" التي نسبت إلى إسرائيل هو عملية استراتيجية ناجحة.واضطرار "حزب الله" إلى القيام بهجوم في منطقة هاردوف (مزارع شبعا) دليل على انه لا يملك حالياً قدرة حقيقية على تنفيذ رد انتقامي كبير ضدنا في الجولان. ولايمكن اعتبار الصاروخين من عيار 107 مليمتر اللذين أطلقا بالأمس في اتجاه أراضينا رداً انتقامياً كبيراً. وبذلك تكون إسرائيل، في حال كان الجيش الإسرائيلي فعلاً من اغتال مجموعة قيادة جهاد مغنية، قد سجلت انجازاً استراتيجياً كونها منعت أو أجلت فتح جبهة ثانية لحزب الله وإيران ضدها في الجولان.



في المقابل فإن "انجاز" "حزب الله" بالأمس يكمن في في قتله جنديين إسرائيليين. من الصعب القبول بذلك، لكن هذا الحزن لا يبرر خطوة تؤدي إلى عشرات ومئات القتلى والجرحى لدينا في حال نشوب حرب ثالثة في لبنان. وهذا حساب بارد وقاس لكن يجب على طرف ما القيام به.
هناك اعتبار آخر هو تركيبة الحكومة والمجلس الوزاري المصغر. فبعد استقالة وزراء حزبي يوجد مستقبل والحركة برئاسة ليفني، فإن المجلس الأمني يتألف من اليمين القومي فقط ويفتقر إلى الشرعية والى الوزن الجماهيري والعناصر الوازنة المطلوبة في قرارات الحرب والسلم.

أما الاعتبار الأخير فيتعلق بالانتخابات التي على الأبواب. فإذا قررت الحكومة الحالية رداً قوياً يؤدي إلى تصعيد كبير، فإنها ستُتهم بأنها جرّت إسرائيل إلى حرب سياسية هدفها خدمة نتنياهو ونفتالي بينت وأفيغدور ليبرمان. وأي تبريرات عقلانية وتوضيحات استراتيجية واعتبارات تتعلق بالكرامة الوطنية لن تنفع القادة السياسيين الحاليين في دولة إسرائيل. وهم سيمنون بخسارة في صناديق الاقتراع كلما طال أمد الحرب وازدادت خسائرنا.
هذه الاعتبارت الثلاثة هي التي سترجح الكفة. ومن المحتمل أن تقرر الحكومة بزعامة نتنياهو ويعلون وبتوصية من المسؤولين الكبار في الجيش "احتواء" حادثة الأمس وتصفية الحساب مع حزب الله في ظروف تكون أفضل بالنسبة لإسرائيل بحيث يمكن تحقيق حسم عسكري سريع يقلص من خسائرنا الامر الذي ليس متاحاً في الوقت الحالي.


( النهار )



نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.
إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة اطلاقًا من جرّائها!

BEIRUT WEATHER

  الأكثر قراءة




  الوفيات


القاضي الشاعر محمد شمس الدين

علمٌ قضائيٌ بارز ، وشاعِرٌ مُرهف وصحافي سابق مؤسس صوت البقاع، ذلك هو باختصار القاضي الراحل والأديب محمد شمس الدين. والذين عرفوه أحبوا فيه تلك الصّفات المميزة التي تشدّك اليه مثل التواضع الجمّ، والضمير الحي والوطنية الثاقبة، حيث كانت له في كل مناسبة وقفة وفي كل حدثٍ إيحاءً ي...







 
جب جنّين أون لاين